الوقت أول
الصيف،
والمدارس في
العطلة. كنت
أنا وأخي
محمّد في
الزقاق
المجاور
لبيتنا..
نصنع طيّارة
ورقية، وكان
بيتنا على
ناصية
الشارع.
أكملنا صنع
الطيّارة،
فأخذتها إلى
السطح، وقلت
لأخي محمّد:
إصعَدْ.
قال: أذهب
لألعب كرة
القدم مع
محسن وأحمد
والجماعة.
ذهب محمّد،
وأخذت بتطيير
الطيارة. كنت
أواصل اللعب
بالطيارة
الورقية حين
عثرت رجلي..
وفجأة: سقطتُ
من السطح إلى
الشارع. صرخت
وأنا في
الهواء بين
السماء
والأرض. ومن
حُسن الحظّ
أن منزلنا ذو
طبقة واحدة،
ولمّا سقطت
على الأرض لم
تنكسر غير
يدي. لكنّ
سيارة عابرة
مرّت في تلك
اللحظة فداست
على يدي.
وصرخت من
شدّة الوجع،
فنزل سائق
السيارة
مضطرباً،
ونقلني إلى
المستشفى.
وعلمتْ أمي
بالخبر،
فاتّصلتْ
تلفونياً
بأبي، فجاء
إلى
المستشفى.
كنت أبكي من
الوجع. قال
سائق السيارة
لأبي: واللهِ
ليس الخطأ
منّي، ولدك
هو الذي سقط
من السطح
فجأة.
نظر أبي
إليّ.. ثمّ
قال للسائق:
لا تقلق..
أنا أيضاً
أدري أنه خطأ
ولدي. ليست
لنا قضية
معك..
تستطيع أن
تذهب.
كان السائق
إنساناً
طيّباً
وخيّراً،
فاطمأنّ لمّا
سمع كلام
أبي، لكنه
قال: لا يا
سيدي لن
أتركك وحدك،
على الأقل
لازم أظل
لأرى ما تكون
حالة الولد.
وعندما وصل
دَورنا في
المستشفى..
دخلنا على
الطبيب.
الطبيب رأى
يدي، ثمّ
قال: خذوا
ليده صورة.
أخذوني
وصوّروا يدي.
ومع أني كنت
حزيناً
جداً.. قلت
لأبي: بابا..
يدي لا
تؤلمني،
فلنذهبْ إلى
البيت.
تغيّر وجه
أبي وقال لي:
يدك لا تؤلمك
؟!
أخذني إلى
الدكتور وهو
يحاول أن
يخفي أذيّته،
وقال له:
دكتور.. هذه
الصورة.
نظر الدكتور
إلى الصور،
وقال: تعال
يا ولدي.
تقدّمتُ
إليه، فضغط
على يدي
وقال: أتؤلمك
؟
قلت: لا.
ثمّ ضربها
بشيء شبيه
بقضيب، وقال:
والآن ماذا ؟
قلت: لا.
قال لي:
إذهبْ خارج
الغرفة لأحكي
مع أبيك بعض
الكلمات.
كنت واقفاً
خارج الغرفة
أنتظر لمّا
خرج أبي
وقال: رأيتَ
ماذا صنعتَ
بنفسك ؟!
نظرت إلى أبي
الذي بدا
بائساً
منكسراً،
وإلى السائق.
أخذوني فوراً
إلى غرفة
العمليات،
وهناك أعطوني
مخدِّراً.
وحين
أفَقتُ..
رأيت يدي
ملفوفة
بضماد. قلت:
الحمد لله..
لم يحدث شيء
مهم.
لكنّي لمّا
أردتُ أن
أحرّك يدي
وجدت أنّي لا
أستطيع. قال
أبي: لا
تحرّكها!
تعال نذهب
إلى البيت.
العملية كانت
فوريّة.
وبسرعة سمحوا
لي بمغادرة
المستشفى.
وفي ذلك
الوقت من
الليل..
رُحنا إلى
البيت بسيارة
السائق، ثمّ
ودّع أبي
السائق فذهب.
أمي وإخواني
وأخواتي
كانوا
ينتظرون. لم
تغمض عيونهم.
وحين وصلنا
إلى البيت
قالت أمي
لأبي: مإذا
جرى ؟! |