حدائق وأناشيد

 
 
 

الأرنب الحكيم

 
 
 
يَحكونَ أَنّ أُمّةَ الأرانبِ قد أخَذَتْ مِن الثَّرى بجانبِ
وابتَهَجتْ بالوطنِ الكريمِ ومَوْئلِ العِيالِ والحريمِ
فاختارَهُ الفيلُ له طريقا مُمزِّقاً أصحابَها تمزيقا
وكان فيهم أرنبٌ لَبيبُ أذهَبَ جُلَّ صُوفهِ التجريبُ
نادى بهم: يا معشرَ الأرانبِ مِن عالِمٍ وشاعرٍ وكاتبِ!
إِتّحِدُوا ضدَّ العدوِّ الجافي فالآتّحادُ قوّةُ الضِّعافِ
فأقبَلُوا مُستَصْوبينَ رأْيَهْ وعَقَدوا للآجتماعِ رايَهْ
وآنتَخبوا مِن بينهم ثلاثةْ لا هَرَماً واعَوا ولا حَداثةْ
بل نَظَروا إلى كمالِ العقلِ واعتَبروا في ذاكَ سِنَّ الفضلِ
فنَهضَ الأوّلُ للخِطابِ فقالَ: إنّ الرأيَ ذا الصوابِ
أنْ نَترُكَ الأرضَ لذي الخُرطومِ كي نَستريحَ مِن أذى الغَشُومِ
فصاحتِ الأرانبُ الغَوالي: هذا أضَرُّ مِن أبي الأهوالِ
ووَثبَ الثاني فقالَ: إنّي أعهَدُ في الثعلبِ شيخِ الفَنِّ
فلْنَدْعُهُ يُمدَّنا بحِكمتِهْ ويأخذ آثنَينِ جَزاءَ خِدمتِهْ
فقِيل: لا، يا صاحبَ السُمُوِّ لا يُدفَعُ العدوُّ بالعَدُوِّ
وانتَدَبَ الثالثُ للكلامِ فقالَ: يا مَعاشِرَ الكِرامِ!
إجتَمِعوا فالآجتماعُ قُوَّةْ ثمْ احفرُوا على الطريقِ هُوَّةْ
يَهوي إليها الفيلُ في مُرورِهِ فنَستريحُ الدهرَ مِن شُرورِهِ
ثمّ يقولُ الجِيلُ بعدَ الجِيلِ: قد أكَلَ الأرنبُ عَقَل الفيلِ!
فاستَصْوبوا مَقالَهُ واستَحسنوا وعمِلُوا مِن فَورِهم فأحسَنوا
وهلكَ الفيلُ رفيعُ الشّانِ فأمسَتِ الأُمّةُ في أمانِ
وأقبلَتْ لصاحبِ التدبيرِ ساعيةً بالتاجِ والسريرِ