أيُّها الصِّدِّيق!
بَلَغ سيدُنا
إبراهيمُ من العُمرِ
مئةَ عام؛ وكانَ عمرُ
زوجتِه سارةَ تِسعينَ
سنة.. هو شيخٌ طاعِنُ
في السنّ، وهي إمرأةٌ
عَجوز.
ليس عِندَهُما أطفالٌ
ولا أولاد.
فإسماعيلُ ابنُه
عُمرهُ أربَعَةَ
عَشَر سنةً، وهو في
مكّة، وكان إبراهيمُ
يزوره بين عامٍ وآخر.
تَذكُرونَ يا
أعزّاءنا في قصةَ
سيّدِنا لوط..
تَذكُرونَ الضُّيوفَ
الثلاثةَ الذين جاءوا
لإنقاذِ لوطٍ من تلك
القريةِ الفاسدةِ
التي كانت تعملُ
المُنكَر..
وتَذكرونَ أنّهم
مَرُّوا أولاً
بسيّدِنا إبراهيمِ..
لقد حَزَنَ سيّدُنا
إبراهيمُ من أجلِ
قومِ لوطٍ وما
يَنتظرهُم من
المَصيرِ الأسوَدِ
بسببِ أعمالهم..
اللهُ ربُّنا وحتى
يُدخِلَ الفَرَحَ في
قلبِ إبراهيمَ
بَشّرَهُ بوَلدٍ من
سارة.. ولدٍ اسمُه
إسحاق.. سَيكون
نبيّاً من الأنبياء.
وسَيكونُ من إسحاقَ
وَلدٌ هو الآخَرُ
سيكون نبيّاً له شأن.
سارةُ سَمِعت البُشرى
فشَعَرت بالدَّهشَة..
قالت:
ـ كيفَ ألِدُ وأنا
عجوزٌ وهذا بَعْلي
شَيْخاً، إنّ هذا
لَشيءٌ عَجيب ؟!
الملائكةُ قالت:
ـ لا تَعْجَبي من
أمرِ الله.. إنّ
اللهَ قادرٌ على كلِّ
شيء..
وهكذا حدَثَت
المُعجزة..
المرأةُ العجوزُ التي
بَلَغَت التِّسعينَ
من العمرِ تُنجِبُ
صبيّاً هو إسحاقُ
النبيّ.. كانَ
إنساناً كريماً..
سيدُنا إبراهيم
ابتهَجَ بمَولدِه
لأنّ في سُلالَتهِ
أنبياء كثيرين يحملون
رسالةَ التوحيدِ
والنور للناسِ
جميعاً.
فنَشَأ إسحاقُ وحملَ
مِيراثَ إبراهيم..
حملَ رسالةَ اللهِ،
وكانَ أميناً في
تَبليغِها مِثل كلِّ
الأنبياء..
وتَحقّقت بِشارةُ
الملائكةِ، فقد
رَزَقَ الله إسحاقَ
صبيّاً، هو يعقوب..
اللهُ سبحانه بارَكَ
في آلِ إبراهيم..
أصبَحَ يعقوبُ
نبيّاً، فحَملَ
الأمانةَ ونَهضَ
بحملِ الرسالة.
وتَزوّجَ سيدُنا
يعقوبُ، فرَزقَه الله
عشرةَ بنَين: شَمعون،
لاوي، راوبين، يهوذا،
يساكر، زوبولون، دان،
نفتالى، جادو، أشير.
ثمّ تزوّجَ سيّدُنا
يعقوب من راحيلَ
ابنةِ خالهِ، فوُلِد
يوسفُ، ثم شَقيقُه
بَنامِين.
وهكذا أصبحَ لسيّدِنا
يعقوبَ اثنا عَشرَ
ولداً..
عاشَ آلُ إبراهيمَ في
أرضِ فلسطينَ.. تلكَ
الأرض الطيّبة
المَليئة بالمُروجِ
الخَضراءِ والمَراعي
وأشجارِ الزَّيتون.
كان سيّدُنا يعقوبُ
كأبيه إسحاقَ وجدِّه
إبراهيمَ خليلِ
الرحمنِ كريماً
يُساعِدُ الفُقراءَ
ويُكرِمُ الضُّيوفَ
والغُرَباء..
لهذا كانَ سيّدُنا
يعقوبُ يَذبَحُ في
كلّ يومٍ كَبْشاً،
فيُطعِمُ مِن لَحمهِ
الفقراءَ ويأكلُ هو
وعِيالُه منه.
وكانَ هناك رجلٌ
صالحٌ اسمُه دميال؛
دميال كان رجُلاً
فقيراً، وكان ذلكَ
اليومَ صائماً.. لم
يكن عنده طَعامٌ
لإفطارِه، كان
يَنتظرُ أن يَبعَثَ
يعقوبُ إليه
بالطعام..
سيّدُنا يعقوبُ
كعادتهِ ذَبحَ كبشاً،
ووَزّعَ لحمَهُ على
الفقراءِ، وتعشّى هو
وعيالُه منه، وباتُوا
ليلتَهم تلك شِباعاً.
أمّا الرجلُ الفقيرُ
دميال فقد نامَ
جائعاً ونوى الصومَ
في الغد.
كانَ دميال ذلك
اليومَ صائماً،
وضاعَفَ ألمَ الجُوعِ
أنّه لم يَجِد شيئاً
يُفطِرُ به في
العشاء.. نام
جائعاً.. تَحمَّل
آلامَ الجُوع ونام..
|