رحلة في الأعماق
على
ضِفافِ نهرِ دِجلةَ
عاشَ الآشوريّونَ في
مُدُنٍ كبرى، وكانت
نَيْنَوى أكبرَ
مُدُنهِم، فهي عاصمةُ
البلاد.
وفي نَينوى كانَ
يعيشُ مِئةُ ألفِ
إنسانٍ أو أكثر
بقليل.
كانوا يعيشونَ
حياتَهُم، يَزرعونَ
حُقولَهُم الواسعةَ،
ويَرعونَ ماشِيَتَهُم
الكثيرةَ في تلكَ
الأرضِ الخِصبة.
وفي تلك المدينةِ
الكبيرة.. وُلِدَ
سيّدُنا يُونُسُ
وعاش، حتّى إذا
أدرَك، رأى قومَهُ
يَعبُدون الأوثانَ
والأصنام، يَنحِتُونَ
التَّماثيلَ
المَرْمَريّةَ
ويَعبُدونَها.
اللهُ سبحانه اصطفى
عبدَه يُونسَ عليه
السّلام نَبيّاً؛
كانَ يونسُ إنساناً
مؤمناً بالله الواحدِ
القادر، وكانَ
يُدرِكُ أنّ هذه
التماثيلَ والأصنامَ
مُجرّدُ حجارةٍ لا
تَضُرُّ ولا تَنفَع.
اللهُ سبحانه أرسلَ
يونسَ إلى أهلِ
نَينوى يدعوهُم إلى
عبادةِ اللهِ سبحانه
ونَبْذِ الأصنامِ
والأوثان.
الناسُ في تلكَ
البلادِ كانوا
طَيِّبينَ، ولكنّهُم
كانوا يُشرِكونَ
باللهِ مُنذُ زمنٍ
بعيدٍ وهم يَعبُدونَ
التماثيل.
وجاءَ سيدُنا يونسُ
ووَعَظَهم ونَصَحهُم
وقال لهم: اعبُدوا
الله وحدَهُ ولا
تُشرِكوا بهِ أحداً.
ولكنّ أهل نينوى، وقد
اعتادوا على عبادةِ
التماثيلِ، رَفَضوا
دعوةَ يونس، ووَقَفوا
في وجهِه.
كلُّ الأنبياءِ كانوا
يُعلّمونَ الناسَ
عبادةَ اللهِ
الواحدِ، كلُّ
الرسُّلِ كانوا
يُبشِّرونَ بالتوحيد.
الناسُ كانوا ضالّين،
يَعبُدونَ الحِجارة..
يَظُنّونَ أنّ لها
تأثيراً في حياتِهم.
جاءَ سيدُنا يونسُ
وأرشَدَهُم إلى
عبادةِ اللهِ الواحدِ
الأحد.
ولكنّ ذلك لَم
يَنفَعْ معهم.
وحَذَّرهُم النبيُّ
من عاقبةِ عنادهِم..
أنّ الله سبحانه
سيُعذِّبُهم إذا
ظَلُّوا على عنادهِم
وعبادةِ الأصنام.
وغَضِبَ سيدُنا يونسُ
من أهل نينوى،
فحَذّرهُم من نُزولِ
الغَضَبِ الإلهيّ.
غادَرَ سيدُنا يونسُ
نَينوى ومَضى.
ذهبَ باتّجاهِ البحرِ
الأبيض. كانَ
يَترقَّبُ نزولَ
العذاب بأهل نينوى.
ومَضَت أيامٌ وأيام؛
ولكنّ سيدَنا يونسَ
لم يَسمَعْ شيئاً.
سألَ كثيراً من
المُسافرينَ عن
أخبارِ نينوى
وأهلِها، وكانوا
كلُّهم يقولون: إنّ
المدينةَ بخير.
وتَعجَّب سيدُنا
يونس! لقد صَرَفَ
اللهُ عن أهلِ نَينوى
العذاب.
مِن أجلِ هذا واصلَ
طريقَهُ باتّجاهِ
البحرِ الأبيض. |