في البِداية
قَبلَ ملايينِ
السِّنين خَلَقَ
اللهُ العالَم..
الكواكبَ والنجومَ
والسماواتِ.. وخَلقَ
اللهُ الملائكةَ مِن
نور.. وخَلقَ الجِنَّ
من نار.. وخَلقَ
اللهُ الأرض.
لَم تَكُن الأرضُ
مِثلَما هي علَيها
اليَوم.. كانت
مَليئةً بالبِحار،
وكانت الأمواجُ
ثائرة، والرِّياحُ
تَعصِفُ بشدّة..
والبَراكينُ
مُشتَعلة،
والنَّيازِكُ
الضَّخمةُ والشُّهُبُ
تُهاجِمُ الأرض.
ولَم تكن هناك من
حياةٍ على الأرض.. لا
في البحارِ ولا في
البَراري.
وقبلَ مَلايينِ
السِّنين، ظَهَرت في
البحرِ أنواعٌ صغيرةٌ
من الأسماك، وظَهَرت
في البَرِّ نباتاتٌ
بسيطة.
ثُمّ تَطوَّرت
الحياةُ شيئاً
فشيئاً؛ وظَهَرت على
سطحِ الأرض حَيواناتٌ
كالزَّواحِف،
والبَرْمائيّات.
وظَهَرت
الدِّيناصُورات
بأشكالِها
المُتعدّدةِ
وأنواعِها المُختلفة.
وبينَ فترةٍ وأُخرى
كانت الثُّلوجُ
تُغَطّي الأرضَ،
فتَموتُ النباتاتُ
وتَموتُ الحَيواناتُ
وتَنقَرِض، وتَظهَرُ
بَدَلها أنواعٌ
جديدة.. وبينَ فترةٍ
وأُخرى تَذوبُ
الثُّلوجُ وتَعودُ
الحياةُ في الأرضِ
مرّةً أُخرى.
في تلك الأزمنةِ
السَّحيقة.. وما
تَزالُ الأرضُ لَم
تَهدأ بَعدُ مِن
البَراكينِ
والزَّلازلِ..
والعَواصفِ العاتية
والأمواجِ الثائرة..
ولَم تَكُن الثُّلوجُ
قد ذابَت بَعدُ.. في
تلكَ الأزمنةِ
البعيدةِ أخذَ اللهُ
من الأرضِ تُراباً..
مِن المُرتَفعاتِ،
ومن السُّهولِ، ومن
الأرض السَّبْخةِ
المالِحة، ومن الأرضِ
الخِصبةِ العَذبة..
مُزِجَت التُّربةُ
بالماءِ، وأصبَحت
طِيناً مُتماسِكَ
الجُزئيّات.
خَلَق اللهُ سبحانه
من ذلك الطِّينِ ما
يُشبِهُ هَيئةَ
الإنسان؛ رأسٌ
وعَيْنانِ، ولسانٌ
وشَفَتانِ، وأنفٌ
وأُذُنانِ، وقلبٌ
ويَدانِ، وصَدرٌ
وقَدَمان.
تَبَخّر الماءُ
وجَمَد التِّمثالُ
البَشَري، أصبَحَ
الطينُ حَجَراً
صَلْداً يابِساً إذا
هَبّت الرِّيحُ
يُسمَعُ منه صَوتٌ
يَنِمُّ عن
تَماسُكِه.
وعلى هذهِ الحالةِ..
ظَلَّ التِّمثالُ
نائماً إلى أمَدٍ
طويلٍ لا يَعَلمُ
مَداهُ إلاّ اللهُ
سبحانه.
الأرض
وفي تلك الفَترةِ من
الزمنِ.. هَدَأتِ
الأرضُ، هَدَأ
الأمواجُ في البحارِ،
وهَدأتِ العَواصِفُ،
وانطَفأ كثيرٌ مِن
البَراكين...
ونَمَت الغاباتُ..
أصبحت كثيفةً،
وامتَلأت بالحيواناتِ
والطُّيور، وتَفَجّرت
يَنابيعُ المِياهِ
العَذبة، وجَرَت
الأنهار.
أمّا المَناطقُ التي
انعَدَمَ فيها الماءُ
فقد كانَتِ الرِّياحُ
الطَّيِّبةُ تَحمِلُ
لها الغيوم، وهناك
تَهطِلُ الأمطارُ
لِتُحيي الصَّحراءَ
الخاليةَ من الأنهارِ
والنَّبات.
وعندما يُسافِرُ
المَرءُ في الفضاءِ
يُشاهِدُ الأرضَ مِن
بَعيدٍ كُرةً تَدورُ
في الفضاءِ حولَ
الشمسِ فتَنشَأ
الفُصول.
صَيفٌ يُعقِبهُ
خَريف، وخَريفٌ
يُعقِبهُ شِتاء،
وبَعد الشتاءِ يأتي
الربيع.
فتَزادادُ الأرضُ
خُضرةً، وتُصبِحُ
النَّباتاتُ
والغاباتُ أكثَرَ
بهجةً.
وتَتَدفَّقُ الأنهارُ
بالمِياهِ العَذبة،
وتَفورُ الينابيعُ
بالمِياهِ الصافيةِ
الباردة.
وتَدورُ الأرضُ حولَ
نفسِها، فيَنشأُ
الليلُ والنهار.
في النهارِ..
تَستَيقِظُ الطُّيورُ
فَتَطيرُ باحِثَةً عن
رِزقِها، وتَستَيقظُ
الحيواناتُ تَبحَثُ
عن طَعامِها.
الغِزْلان تَركُضُ في
الغابات، والوُعُولُ
فوقَ سُفوحِ الجِبال،
والفَراشات تَدورُ في
الحَدائقِ تَبحَثُ عن
الأزهار والرَّحيق،
والحَيوانات
المُفتَرِسَةُ
تَزأَرُ في الغابات.
كلُّ شيءٍ في الأرضِ
يَنمو ويَتَكاثَرُ،
فالأرضُ تَمتلئ
بالحياةِ والبهجة.
الأشجارُ تَحمِلُ
الثِّمار، والخِرافُ
والماعِزُ تأوي إلى
الكُهوفِ تَبحَثُ عن
مأوى يَحميها مِن
الحيواناتِ الكاسِرة. |